فصل: 7- قراءة البسملة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدخل لدراسة القرآن الكريم



.7- قراءة البسملة:

على القارئ أن يحافظ على قراءة البسملة، أول كل سورة غير براءة؛ لأن أكثر العلماء على أنها آية، فإذا أخل بها كان تاركا لبعض الختمة عند الأكثرين، فإن قرأ من أثناء سورة استحب له أيضا، نص عليه الشافعي فيما نقله العبادي، قال الفراء ويتأكد عند قراءة نحو: {إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ}، {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ...} لما في ذكر ذلك بعد الاستعاذة من البشاعة، وإيهام رجوع الضمير إلى الشيطان قال ابن الجزري: والابتداء بالآي وسط براءة قل من تعرض له، وقد صرح بالبسملة فيه أبو الحسن السخاوي، ورد عليه الجعبري.

.8- هل تحتاج قراءة القرآن إلى نية:

لا تحتاج قراءة القرآن إلى نية كسائر الأذكار، إلا إذا نذرها خارج الصلاة فلابد من نية النذر أو الفرض، ولو عين الزمان، فلو تركها لم تجز، نقله القمولي في الجواهر.

.9- ترتيل القرآن:

الترتيل تبيين حروف القرآن عند القراءة، والتأني في أدائها ليكون أدعى إلى فهم معانيها، وقد روى الطبري بسند صحيح عن مجاهد في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ} قال: بعضه في أثر بعض على تؤدة، وعن قتادة: بينه بيانا.
ويسن الترتيل في قراءة القرآن لقوله سبحانه: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} [المزمل: 4]، وقوله تعالى: {وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا} [الإسراء: 106] أي: على تؤدة وتمهل.
وروى أبو داود وغيره عن أم سلمة أنها نعتت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم قراءة مفسرة: حرفا حرفا، وروى البخاري في صحيحه عن أنس أنه سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: كانت مدا، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم، يمد الله، ويمد الرحمن، ويمد الرحيم.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود أن رجلا قال له: إني أقرأ المفصل في ركعة واحدة فقال: هذا كهذّ الشّعر إنا قد سمعنا القراءة، وإني لأحفظ القرناء التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سورة من المفصل، وسورتين من الـ حم.
وأخرج الآجري في حملة القرآن عن ابن مسعود: لا تنثروه نثر الدقل ولا تهذوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه، وحركوا به القلوب، ولا يكون هم أحدكم آخر السورة.
وأخرج من حديث ابن عمر مرفوعا يقال لصاحب القرآن: اقرأ، وارق في الدرجات، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها.
قال في شرح المهذب: واتفقوا على كراهة الإفراط في الإسراع، قالوا: وقراءة جزء بترتيل أفضل من قراءة جزءين في قدر ذلك الزمان بلا ترتيل، قالوا: واستحباب الترتيل للتدبر؛ لأنه أقرب إلى الإجلال، والتوقير، وأشد تأثيرا في القلب، ولهذا يستحب للأعجمي الذي لا يفهم معناه.
وفي النشر اختلف هل الأفضل الترتيل، وقلة القراءة، أو السرعة مع كثرتها وأحسن بعض أئمتنا فقال: إن ثواب قراءة الترتيل أجل قدرا، وثواب الكثرة أكثر عددا، لأن بكل حرف عشر حسنات.
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: والتحقيق أن لكل من الإسراع والترتيل جهة فضل، بشرط أن يكون المسرع لا يخل بشيء من الحروف، والحركات والسكون والواجبات فلا يمتنع أن يفضل أحدهما الآخر، وأن يستويا، فإن من رتل وتأمل، كمن تصدق بجوهرة واحدة مثمنة. ومن أسرع كمن تصدق بعدة جواهر لكن قيمتها قيمة الواحدة. وقد تكون قيمة الواحدة أكبر من قيمة الأخريات. وقد يكون بالعكس، وفي البرهان للزركشي: كمال الترتيل تفخيم ألفاظه، والإبانة عن حروفه، وأن لا يدغم حرف في حرف، وقيل: هذا أقله، وأكمله أن يقرأ على منازله، فإن قرأ تهديدا لفظ به لفظ التهديد، أو تعظيما لفظ به لفظ التعظيم.
وأزيد فأقول: أو ترحيما، وترقيقا لفظ به لفظ الترحيم والترقيق، أو تعجبا لفظ به لفظ التعجب، أو تيئيسا لفظ به لفظ التأييس، أو توبيخا لفظ به لفظ التوبيخ أو إنابة وتوبة لفظ به لفظ الإنابة والتوبة، أو تندما نطق به نطق المتندم أو خشوعا وتذللا نطق به نطق الخاشع المتذلل، أو فرحا وسرورا لفظ به لفظ الفرح المسرور وهكذا، وبذلك يفسر المعاني بالجرس. ونغم الكلام.

.10- تدبر القرآن وتفهمه:

وتسن القراءة بالتدبر. والتفهم. فهو المقصود الأعظم. والمطلوب الأهم، وبه تنشرح الصدور، وتستنير القلوب، قال تعالى: {كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ مُبارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آياتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُوا الْأَلْبابِ} [ص: 29] وقال: {أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها} [محمد: 24] وصفة ذلك أن يشغل قلبه بالتفكر في معنى ما يلفظ به فيعرف معنى كل آية. ويتأمل الأوامر والنواهي، ويعتقد قبول ذلك. فإن كان مما قصر عنه فيما مضى اعتذر واستغفر. وإذا مر بآية رحمة استبشر وسأل. أو عذاب أشفق وتعوذ أو تنزيه نزه وعظم. أو دعاء تضرع وطلب. أخرج مسلم عن حذيفة قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة فقرأها ثم النساء فقرأها، ثم ال عمران فقرأها. يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.
وروى أبو داود والنسائي وغيرهما عن عوف بن مالك قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام. فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل.
ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ، وأخرج أبو داود، والترمذي حديث: «من قرأ {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ} فانتهى إلى آخرها، فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين.
ومن قرأ: {لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ} فانتهى إلى آخرها {أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى} فليقل: بلى. ومن قرأ: والمرسلات فبلغ {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} فليقل: آمنا بالله»
.
وأخرج أحمد، وأبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: {سبحان ربي الأعلى}.
وأخرج الترمذي، والحاكم عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال:
«لقد قرأتها على الجن، فكانوا أحسن مردودا منكم؛ كنت كلما أتيت على قوله:
{فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ} قالوا: ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد»
. وأخرج أبو داود، وغيره عن وائل بن حجر قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {وَلَا الضَّالِّينَ} فقال: «آمين» يمد بها صوته.
وأخرج الطبراني بلفظ: «قال: آمين ثلاث مرات»، وأخرجه البيهقي بلفظ قال: «رب اغفر لي، آمين».
وأخرج أبو عبيد عن أبي ميسرة أن جبريل لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند خاتمة البقرة: آمين، وأخرج عن معاذ بن جبل أنه كان إذا ختم سورة البقرة قال: آمين، وهي بالإجماع ليست من القرآن.
قال النووي: ومن الآداب إذا قرأ نحو: {وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} [التوبة: 30] {وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ} [المائدة: 64] أن يخفض بها صوته كذا كان النخعي يفعل.
أقول: وينبغي أن يراعي هذا الأدب في الآيات التي عرضت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مثل: {عَبَسَ وَتَوَلَّى} ومثل: {يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ}.
ولا بأس بتكرير الآية وترديدها، روى النسائي وغيره عن أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قام بآية يرددها حتى أصبح: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة 118].
ويستحب البكاء عند قراءة القرآن، والتباكي لمن لا يقدر عليه، والحزن والخشوع قال تعالى: {وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً} [الإسراء: 109] وفي الصحيحين حديث قراءة ابن مسعود رضي الله عنه القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم حتى بلغ قوله تعالى: {فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} وفيه فإذا عيناه تذرفان أي: تجريان بالدموع، وقيل: إنما بكى رسول الله رحمة لأمته، وشفقة عليهم؛ لأنه علم أنه لابد أنه يشهد عليهم بعملهم، وعملهم قد لا يكون مستقيما، فقد يفضي إلى تعذيبهم، وقيل: لأنه تمثل أهوال يوم القيامة، وشدة الحال الداعية له إلى شهادته لأمته بالتصديق، وسؤاله الشفاعة لأهل الموقف، وهو أمر يحق له البكاء، وقيل: بكى فرحا بهذه المنزلة العالية التي لم يعطها أحد من الأنبياء.
وفي شعب الإيمان للبيهقي عن سعد بن مالك مرفوعا: «إن هذا القرآن نزل بحزن، وكآبة، فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا».
وفيه من مرسل عبد الملك بن عمير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إني قارئ عليكم سورة، فمن بكى فله الجنة، فإن لم تبكوا فتباكوا».
وفي مسند أبي يعلى حديث: «اقرءوا القرآن بالحزن، فإنه نزل بالحزن» وعند الطبراني «أحسن الناس قراءة من إذا قرأ القرآن يتحزن».
قال النووي في شرح المهذب: وطريقة تحصيل البكاء أن يتأمل ما يقرأ من التهديد والوعيد الشديد، والمواثيق والعهود، ثم يفكر في تقصيره فيها، فإن لم يحضره عند ذلك حزن، وبكاء، فليبك على فقد ذلك فإنه من المصائب وقد سبق إلى ذلك الغزالي، والبكاء عند قراءة القرآن صفة العارفين، وشعار الصالحين.
وقد كان الصديق الأكبر رضي الله عنه بكاء بالقرآن، لا يملك عينيه عند قراءته كما في حديث الهجرة في صحيح البخاري.